تم النشر في 10-10-2024
يُعتبر التحكيم آلية قانونية تُستخدم لتسوية المنازعات خارج نطاق المحاكم التقليدية، حيث يتم حل النزاع بواسطة محكمين محايدين يتم اختيارهم من قبل الأطراف. ومن خلال التحكيم، يتم الفصل في النزاعات بشكل نهائي ومُلزم، مما يجعله بديلاً فعالاً للإجراءات القضائية. ومع ذلك، لضمان فعالية اتفاق التحكيم، هناك مجموعة من القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها قبل التوقيع على أي اتفاق تحكيم.
يجب على الأطراف توخي الحذر عند تحديد نطاق شرط التحكيم في العقد. قد لا يشمل شرط التحكيم جميع النزاعات إلا إذا تم تحديد ذلك بوضوح في الصياغة. يجب أن تكون صياغة الشرط دقيقة لضمان شمولية أو استثناء بعض النزاعات، حيث يمكن أن يؤدي الغموض إلى نزاعات إضافية حول تفسيره.
من المهم التمييز بين "مقر التحكيم" و"مكان التحكيم". يشير مقر التحكيم إلى الدولة التي يتم فيها تحديد القانون الذي ينظم التحكيم، بينما يشير مكان التحكيم إلى الموقع الذي تجري فيه الجلسات. اختيار المقر يُعد قراراً قانونياً حاسماً، حيث يجب مراعاة القوانين المحلية والتحكيمية للدولة المختارة.
يُمنح الأطراف خيار اللجوء إلى التحكيم المؤسسي أو التحكيم المخصص. التحكيم المؤسسي يتم من خلال هيئات متخصصة مثل مركز دبي للتحكيم الدولي، وتتمتع هذه المؤسسات بقواعد وإجراءات منظمة. أما التحكيم المخصص فيتم بناءً على اتفاق الأطراف دون تدخل مؤسسي، مما يوفر مرونة أكبر ولكنه قد يتطلب تنظيمًا أدق من قبل الأطراف.
في التحكيم عبر الحدود، يمكن أن تطبق قوانين مختلفة على جوانب النزاع. لذلك، من المهم تحديد القانون المنظم لشرط التحكيم بوضوح. النص على قانون محدد يحكم شرط التحكيم بشكل منفصل عن القانون الذي ينظم العقد الأساسي يمكن أن يقلل من النزاعات حول صحة الشرط نفسه.
تحديد عدد المحكمين واختيارهم يُعد قرارًا هامًا. في النزاعات الصغيرة، يكفي عادةً محكم واحد، بينما قد يتطلب النزاع الأكبر تعيين ثلاثة محكمين. يجب أن تأخذ الأطراف في الاعتبار تكاليف تعيين المحكمين ومدة الإجراءات، بالإضافة إلى مؤهلات المحكمين وخبراتهم في الموضوع المتنازع عليه.
اختيار لغة التحكيم له تأثير كبير على سير الإجراءات. في حال كانت الأطراف تستخدم لغات مختلفة، يمكن أن تزيد تكاليف الترجمة وتوثيق الأدلة. يجب أن يأخذ الأطراف في الاعتبار تأثير اللغة المختارة على اختيار المحكمين وتكاليف الإجراءات، لا سيما في النزاعات التي تشمل مستندات وأدلة متعددة.
يُعد التحكيم وسيلة فعالة لتسوية المنازعات التجارية خارج المحاكم، ولكنه يتطلب توخي الحذر في صياغة اتفاق التحكيم. من خلال مراعاة القواعد الأساسية المذكورة أعلاه، يمكن للأطراف تجنب النزاعات المتعلقة باتفاق التحكيم نفسه وضمان تحقيق نتائج عادلة وسريعة.